الأحد، 13 مارس 2022

رواية البؤســـاء لــ"ڤيكتــور هـوجـو"

رواية الأسبوع

"فالبؤساء لا يلتفتون للوراء اذ هم على يقين من ملازمه سوء الحظ وملاحقه البؤس لهم"

"البؤســــاء"

أنهيت الرواية و فضلت أن أكتب رأي بعدها مُباشرةً فمشاعري بعد قراءة رواية من هذه النوعية يُصيبها الاضطراب، و أعلم أنها لن تهدئ إلا بعد أيام من إنهائي لواحدة من أجمل الروايات التي قرأتها، و بالفعل هُناك الكثير من التعابير التي راودتني أثناء قراءتي للرواية و ياليتني دونتها و أنا أقرأ و لكني ما انفك انهي فصل، يليه الفصل التالي ثم التالي و أنغمس في دُنيا أخري و أنسي تعليقاتي علي بعض الأحداث،

الرواية مُقسمة من ٤ أقسام و كل قسم يحمل إسم أحد البؤساء أبطال الرواية و الذين تتشابك أقدارهم بطريقة درامية مؤثرة، و في الغالب حزينة، لتخلق لنا قصة تحمل في طيها أسمي معاني الإنسانية و تثبت لنا أن الإنسان قادر علي مُحاربة الظلام و الشر المُتشبث فيه و في المُجتمع، و إحالته لنور و نقاء يسطع حياة غيره، 

و هذا ما يُظهره لنا بطل الرواية في القسم الأول "جان فالجان" المُجرم السابق و الذي أمضي ١٩ عاماً من عمره و شبابه في السجن مُحاولاً الهروب بشتي الطرق، و لكنه لم ينل سوي مُضاعفة عقوبته ليأكل السجن سنين شبابه، و فور خروجه ناقماً علي القوانين و الحياة و الناس و المجتمع و حتي نفسه، يعترض طريقه المظلم الكريه، رجل "الأب ميريل" كان الخلاص و المفتاح الذي أزاح عن جان فالجان هذا الظلام، ليتحول إلي شخص لا يربطه بماضيه سوي إسم ظل يُطارده كالكابوس طيلة حياته.

و في القسم الثاني نُقابل "فانتين" الأم البائسة التي تم خداعها و تُركت بين يديها طفلة بريئة، لزم عليها بيع اغلي ما تملكه لإطعامها، فباعت شعرها و أسنانها البيضاء الجميلة، و المال اعطته مرتب شهري لأسرة ترعي الطفلة و لكنهم استأثروا بالمال لنفسهم علي حساب الطفلة.


و في القسم الثالث نقابل " كوزيت" الطفلة المسكينة التي قضت طفولتها تخدم لدي رجل و إمرأة لا يعرفان من الإنسانية و العطف شيئاً سوي ما يخدم جشعهم و قسوتهم، حتي ينتشلها عابر سبيل و يستخلصها ابنةً له، تنفيذاً لوصية والدتها.

ثم نقابل ماريوس في القسم الرابع و الأخير، الفتي الغني الثوري الذي تخلي عن ثروة جده، مؤمناً بمعتقداته الثورية التي تتعارض مع معتقدات جده، و يقابل كوزيت و ينشأ الجانب العاطفي في القصة بينهما.


بصراحة تحول شخصية جان فالجان في بداية القصة سيكون مُنعطف مُفاجئ و مُبهر بكل تفاصيله علي مدار صفحات الرواية، و إن عقدت مُقارنة بين جان فالجان فالقسم الأول و جان فالجان في باقي أقسام الرواية لوهلة لن تعتقد أنهم نفس الشخص و المُثير أن التغير كان مؤثره بسيط و لكن مُقنع و غير مُفتعل أو مُبالغ به و هذا يدل علي براعة هوجو في رسم الجوانب النفسية لكل شخصية بدون افتعال


فرسم الشرطي چافيير بصراعه الدائم لتحقيق العدالة و تطبيق القانون و عندما فشل في تحقيقها انتحر غير قادر تحمل أنه قد خالف القانون بالسماح لمجرم هارب أن ينجو، و رسم الطفلة "كوزيت" التي تتعرض لأقسي أنواع العقاب و الظلم من تيناردييه و زوجته و لكن طفولتها تتغلب عليها و يصبح كل همها هو اللعب بالدمية كما تفعل ابنتا تيناردييه


الرواية تستعرض المشاكل المُجتمعية و التي أؤكد أنها لم تكن فقط في باريس و لكن مازالت هناك نماذج تُمثلها في كل المجتمعات حتي وقتنا هذا و لكن بصور أخري

و من أكثر الحوارات التي أثرت في نفسي هو تعريف جان فالجان عن نفسه للأب ميريل، و اعتراف جان فالجان عن نفسه لماريوس، كانت حوارات مليئة بالمُعاناة و الألم لن أنساها أبداً


رواية رائعة مُتماسكة و بإحكام، رسمت الخير و الشر، و النور و الظلام، حزينة و لكن بعدل

و في النهاية....

I dreamed a dream in times gone by

When hope was high and life worth living

I dreamed, that love would never die

I dreamed that God would be forgiving


اقتباسات من الروايه

" فإن تسنّى له رؤية نظرات الفزع والشـك المرتسمة بنظرات الناس، وهـم يصغـون باهتمـام لحـديـث مـالـك الحانـة لعـلـم أن بقاءه سرعان ما يصير مادة خام لحوارات يتناقلها الناس جميعا في المدينة ، غير أنه لم يلتفت وراءه ، فالبؤساء لا يلتفتون للوراء ، إذ هم على يقين من ملازمة سـوء الحظ ، وملاحقة البؤس لهم "


"ادعي جـان فالجـان ، وقـد خـرجـت لـتـوي من السجن بعد أن أمضيـت فيـه تسعة عشر عاما ، أطلـق سراحي منذ أربعـة أيـام ومضيت قاصـدا بونتار لييه ، ومكثت أربعة أيام بالطريق سائرا على قدمي ، وقـد طويت اليـوم اثنتي عشرة مرحلة ، حتى بلغت الليلة هذه المدينة ، فاحتميت بالحانـة ، ولكني لفظـت منها ، حاملًا للبطاقة الصفراء التي يحملها سجين سابق ، ولأنني قدمت هذه البطاقة في قسم الشرطة ، كما ينبغي لي أن أفعل في كل مكان أدخلـه ، وحين ذهبت إلى حانة أخرى تكرر نفس الشيء فطردني مالكها أيضا ، جميع الناس يلفظونني ، ولا أحد يـود التعامل معي . وقـد حـدث أن طرقـت بـاب السجن ، لكـن السـجان رفض أن يأويني ، كما لجأت إلى إحدى حظائر الكلاب ، لكـن الكلب عضني ولفظنـي هـو الآخـر ، كمـا لـو كان إنسانا ، وكمـا لـو كان يعرف حقيقتي . وقد خطر لي أن أنام في الحقل ، ثم تنبهت أن السماء قد تمطر وأنه ليس ثمة إله يمنع المطر من النزول ، وأخيرا استلقيت على حجر أمام الكنيسة حتى مرت بي إحدى النساء وأشارت إلي بيتك ، وقالت لي ( اطرق بابه ) ) . فأي بيت هذا ؟ هل هو حانة ؟! أملك مائة وتسعة فرنكات وخمسة عشر سنتيماجمعتها نظير عملي تسعة عشر عاما في السجن ، وأنا مستعد لدفع ما تطلب مـن مقابل ، إننـى منهك القوى وجائع ، فهل لي بالمبيت هنا؟"


"- لقـد أتـيـت حـقـا مـن مـكـان مـلـيء بالهمـوم ، ولـكـن اسـتمع إلي جيـدا ، ما تعده السـماء مـن المباهج للمذنـب التائب تفـوق كثيرا ما تعـده لمائة من الشرفاء أصحاب الأمانة ، فإذا فارقت الدنيا بقلب مدجج بالسخط والغل على أقرانك من البشر ، لاستحققت الشفقة بجـدارة ، وإن فارقتهـا بقلـب مليء بالتسامح والسكينة ، صـرت جديرا بأضعاف ما استحق أي منا"


"ولكن هل يتسنى لحبه الحنطه ان تدرك لماذا زُج بها بين الرحي"


"كانت تأملاته وأفكاره تـدور بحلقة مغلقة تنتهي عند النقطة ذاتهـا التـي بدأت منهـا ، وتبدأ من نقطة انطلاق واحـدة بعينها هي بغض قوانين سنها البشر ، هـذا البغض الـذي يصير بمرور الوقت بغضـا للمجتمع ، ثم بغضا للبشر ، فبغض للخلق ، تعكسها نزعة ملحة مهمة في إيقاع الأذى بأي إنسـان"


"هو مشهد رائع يندر ان يتكرر، مشهد ضمير هم بارتكاب جريمه، يطل على ضمير هادئ نقى آمن"


"ثم تدخلت يد الطبيعة، و للطبيعة أسبابها الغامضة الخاصة، ففي بعض الآونه تتدخل يد الطبيعة في الوقت الملائم، كأنما لتحثنا على تدبر الأمر والتروي فيما نحن مقدمون عليه."


"استرجع كل ذلك في ضـوء جديـد يـراه للوهلة الأولى ، وأبصر حياتـه في هـذا الضوء المستجد عليه ، فتراءت له صادمـة مزعجة في هدى الفردوس . وغاص عميقـا بذاته ، فرآها عتمة مفزعة ، كان كمن يبصر إبليس"


"كـانـت مـدام تيناردييـه مـن هـؤلاء البشر الذين هـم خلط اللين والغلظة ، فحبهم ينصب في ناحية قدر ما تنصب كراهيتهم في ناحيـة أخـرى ، وقـد انـصـب كل حبها على طفلتيها ، فكان من الطبيعي أن تصـب كل كراهتهـا علـى الطفلـة التـي لـيسـت مـن صلبهـا ولـولا وجود كوزيت لنال الطفلتين - دون شـك- من فظاظة أمهمـا مـا نالهما مـن حنانها ، ولكن كوزيت جنبتهما هذه القسـوة فاختصت بها نفسها وحدها ، واستأثرت الطفلتين بالحنان وحدهما"


"وضع جان فالجـان الفتاة في الفراش ، قبـل أن يشعل شمعة ويجلس بعض الوقـت متأمـلا وجههـا ، وقد طغـت كل أحاسيسه المرهفة على ملامح وجهه ، حتى كاد فرط حنانـه وعطفه الأكثر ضراوة يقطران مـن عينيه دموعا ، وما كان منه إلا أن مال على يدها المبسوطة بجوارها ، وطبع قبلة عليها كما فعل بيد أمها قبل تسعة أشهر حين نامت نومتهـا الأبدية"


"أيها الإخـوة ، ليست الجمهورية زاخرة بالرجال ، والتضحية دون داع ، تعـد جريمة ، ومتى كان للمرء أسرة هو عائلها فليس من حقه أن يلقي بنفسه في التهلكة ، أتودون الهلاك ؟! حسنا ، فلتفعلوا إذا ، وليمـت أطفالكـم جـوعـا غـدا ، إن القضيـة هـي قضيـة أمهـات، وزوجـات وبـنـات ، فالرجـل إذا جـاع استجدى ، أمـا المـرأة فإنها إذا جاعت فرطت في نفسها"


"أتسألني لمـاذا أخبرك بكل هـذا ؟ وتقول أنني بمأمن من الخزي والملاحقة ؟ كلا ، إننـي مطارد ، ومـن الـذي يلاحقني ؟ ضميري يلاحقني، فهو الذي يتربص بي، ويقبض علي ويحاكمني، و متي وقع الإنسان في قبضة ضميره ، فـلا مخرج له."


"انظر إلى هـذه الـيـد ، أتـرى أنـهـا تحكـم قبضتهـا علـى العنـق بحيث يصبح لا سبيل للخلاص منها ؟! لا يختلف الضمير كثيرا عن قبضة اليد ، فإذا شئت أن تكون سعيدا يا سيدي ، فلا تسعى لمعرفة معنى الواجـب فإنك حين تفهمـه وقعت تحت طائلته"








Follow Milky Way

تابعونا



 


 

أرسل رسائلك هُنا :

 

 https://tellonym.me/milkywaystories

Milky Way Stories



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق